El-Ghamry Forensic Web
  صفحة المقالات
 

صفحة المقالات

هذه الصفحة مفتوحة أمام أساتذة الطب الشرعي والسموم والأطباء الشرعيين في أي من البلاد العربية لكتابة مقالاتهم باللغة العربية متعلقة بأحد الموضوعات المتعلقة بالطب الشرعي او السموم

 
 

و جاؤا علي قميصه بدم كذب

دكتور / خالد إدريس عبد الرحمن

أستاذ مساعد جراحة عظام جامعة الزقازيق

دكتورة / هدي رجب السيد

أستاذ مساعد طب شرعي و سموم جامعة الزقازيق

المقالة بتاريخ 25 مارس سنة 2007

كانت قصة النبي يوسف عليه السلام و ما زالت مصدراً لاستخلاص العبر و فهم أطوار النفوس و إلهاما للمفكرين و المربين و تعليماً للآباء خطر التفرقة بين الأبناء في إظهار الحب و التعلق و قد وصف ربنا سبحانه هذه القصة بأنها ( أحسن القصص ) و هي مليئة بالأحداث و فيها تفوق غير مسبوق و رقي ليس له مثيل كل عناصر القصة من الناحية الأدبية ( 1 ) و فيها أيضاً ذكر لقميص سيدنا يوسف في ثلاثة مواضع هامة من سياق القصة و كلها فيها إشارات بليغة و موحية و في مجملها تضع قميص يوسف الصديق عليه السلام رمزاً واضحاً للصدق الناصع في مواجهة الكذب و الباطل و يعنينا في هذا البحث قوله تعالي في وصف المكيدة التي دبرها أخوة يوسف لإقصائه من طريقهم إلي قلب أبيهم :

و جاءوا علي قميصه بدم كذب . ( يوسف 18 )

و سوف نتناول في هذا البحث محاولة لفهم هذه الآية في ضوء العلوم الحديثة مرتكزين علي المحاور الآتية :

1- أقوال المفسرين

2- ما جاء في العهد القديم ( التوراة ) في نفس السياق .

3-إيضاح أبرز المعارف العلمية الحديثة المتعلقة بالآية .

4-استجلاء وجه الإعجاز العلمي في الآية الكريمة .

أولاً : أقوال المفسرين

جاء في تفسير القرطبي ( 2 ) في قوله تعالي) : و جاءوا علي قميصه بدم كذب . ( يوسف 18  فيه ثلاث مسائل : الأولي : بدم كذب أي بدم مكذوب فيه فصار تقديره : بدم ذي كذب . الثانية : لما أرادوا أن يجعلوا الدم علامة علي صدقهم قرن الله بهذه العلامة علامة أخري تعارضها و هي سلامة القميص من التنييب إذ لا يمكن افتراس الذئب ليوسف و هو لابس القميص و يسلم القميص من تانخريق ، و لما تأمل يعقوب عليه السلام القميص فلم يجد فيه خرقاً و لا أثراً استدل بذلك علي كذبهم و لذا جاء رده عليهم في نفس الموضع ) بل سولت لكم أنفسكم أمراً فصبر جميل و الله المستعان علي ما تصفون ) ( يوسف 18 ) الثالثة : استدل الفقهاء بهذه الآية في إعمال الأمارات في مسائل من الفقه و أجمعوا علي أن يعقوب عليه السلام استدل علي كذبهم بصحة القميص و هكذا يجب علي الناظر أن يلحظ الأمارات و العلامات إذا تعارضت فما ترجح منها قضي بجانب الترجيح ، و هي قوة التهمة ، و لا خلاف بالحكم بها .

و جاء في تفسير الطبري ( 3 ) أن رد يعقوب عليه السلام ( و الله المستعان علي ما تصفون ) أي علي ما تكذبون .

ثانياً : ما جاء في التوراة في نفس السياق

ورد في سفر التكوين ( 4 ) أن يعقوب عليه السلام عندما رأي القميص قال ( وحش رديء أكله . افترس يوسف افتراساً . فمزق يعقوب ثيابه و وضع مسحاً علي حقويه و ناح علي ابنه أياماً كثيرة . فقام جميع بنيه و جميع بناته ليعزوه . فأبي أن يتعزى و قال إني أنزل إلي ابني نائحاً إلي الهاوية . و بكي عليه أبوه . و يظهر في ذلك العرض للموضوع أنه قد انخدع بهذه الحيلة الساذجة التي لا تنطلي علي أحد فضلاً عن الجزع الشديد الذي لا يتفق مع مقام النبوة مما هو شائع في التوراة من اتهام الأنبياء بأنواع الكبائر و النقائص التي يترفع عنها عامة الناس .

ثالثاً : إيضاح أبرز المعارف العلمية الحديثة المتعلقة بالآية الكريمة

يتوافر اليوم للخبراء في الطب الشرعي حوالي عشرون نظاماً لتصنيف الدماء البشرية في فئات محددة و عندما تتواجد في مسرح الجريمة أي سوائل تشبه الدماء فمن خلال بعض الاختبارات البسيطة يمكن ابتداء القطع بكونها دماء من عدمه و يتبع ذلك تحديد ما إذا كانت دماء بشرية أو دماء حيوان و كذلك جنس الإنسان ( ذكر أو أنثي ) و أن يحصر الشخص الذي تنتمي إليه هذه الدماء ضمن نطاق ضيق من الأشخاص قد يصل إلي حفنة قليلة منهم بين كل ألف شخص ، و قد بدأ هذا الأمر فقط في نهاية القرن التاسع عشر مع اكتشاف عالم الوظائف الجسدية النمساوي كارل لاندشتينر لوجود أربع مجموعات من الدماء البشرية و هي المعروفة بنظام ABO و تبع ذلك اكتشاف نظام MN عام 1927 و نظام Rhesus عام 1940 و تتابعت أنظمة تصنيف الدماء البشرية إلي أن أصبحت عشرين نظاماً ( 5 ) و من المعروف أن جسم الإنسان البالغ يحتوي علي حوالي ستة لترات من الدم و لقد أدرك الإنسان منذ باكر الزمان الصلة بين الدم و الحياة وفي أوائل القرن السابع عشر بدأ الأطباء يتساءلون عما إذا كان بالإمكان تجديد الدورة الدموية عند الشخص الضعيف أو الشخص الذي يعاني سكرات الموت بنقل الدم إليه و لكن باءت كل هذه المحاولات بالفشل فيما عدا حالات قليلة جداً و نحن نعرف اليوم سبب فشل هذه التجارب و لكن لم يتم اكتشاف الحقيقة العلمية إلا في نهاية القرن التاسع عشر علي يد كارل لانشتينر ، و من الواضح بالطبع أن تحديد فئة الدم مهم جداً من الناحية التطبيقية في علوم الطب الشرعي فعلي سبيل المثال و إذا تم العثور علي دم من الفئة A و المطابق لفئة دم الضحية علي ثياب شخص مشتبه به في قضية إجرامية و الذي تكون غئة دمه مثلاً من نوع O عندها تصبح الشبهة أقوي بأن تلك الدماء تخص الضحية التي قتلها هذا الشخص المشتبه به و يمكن زيادة نسبة الاحتمال في حصول ذلك باستخدام الأنظمة الأخري لفئات الدم . و قد أصبح اليوم من الممكن القطع بنسبة 100 % بنسبة أو عدم نسبة الدماء البشرية إلي شخص بعينه بما يعرف ببصمات الحامض النووي و قد ترسخ هذا الأسلوب منذ عام 1984 و في تحديد هوية الشخص بثبات متواصل و غير قابل للجدل ، و الحامض النووي DNA وهو المادة الجوهر المكون للمادة الو راثية لجميع خلايا الجسد التي تحتوي علي نواة مثل كرات الدم البيضاء و خلايا الأنسجة و نخاع العظام و جذور الشعر و لب الأسنان و السائل المنوي ، و لنفترض مثلاً أن المحققين الأمنيين حصلوا علي عينة لتحليل الحامض النووي مأخوذة من خلايا الدم البيضاء من مكان حصول الجريمة و حصلوا أيضاً علي عينة أخري ( قد لا تكون بالضرورة من مكونات العينة الأولي ) و التي قد تكون عبارة عن كشط لخلايا سطحية رخوة من داخل الفم من الشخص المشتبه به ، و لنفترض أيضاً أن الصور الإشعاعية الآلية للحامض النووي ( بصمات الحامض النووي ) في العينتين جاءت متطابقة فهل يشكل هذا برهاناً بأن الشخص المشتبه به هو ذاته الشخص الذي ارتكب الجريمة أو علي الأقل كان متواجداً في مكان حصول الجريمة ؟ طبقاً لطريقة العالم الإنجليزي البروفيسور ألكس جيفريز و هي القاعدة المتبعة قانونياً في بريطانيا فإن فرصة التطابق في بصمة الحامض النووي عند شخصين مختلفين هي : أقل من واحد 000 000 000 000 000 000 000 000 000 000 1 و الذي هو أكثر من عدد سكان العالم ببلايين المرات !!!!!!!!!( 5 ) .

و سبحان الذي علم الإنسان ما لم يعلم !!!!

رابعاً : وجه الإعجاز العلمي في الآية الكريمة

دعونا الآن نتصور لو أن إخوة سيدنا يوسف عليه السلام كانوا أكثر دقة في تلفيق كذبهم فقاموا بتمزيق القميص حتى يبدو مطابقاً لروايتهم عن افتراس الذئب لأخيهم ، كانت هذه الحيلة لتنطلي علي سيدنا يعقوب عليه السلام و علي أي إنسان في عصره أو عصر النبي العظيم &#

 
  Today, there have been 25 visitors (34 hits) on this page!  
 
This website was created for free with Own-Free-Website.com. Would you also like to have your own website?
Sign up for free